الأربعاء، 7 مارس 2018

الصعود إلى الهاوية



لقد أصبحت إدارة الموارد البشرية تؤدي دوراً فعَّالاً في تحقيق النجاح المؤسسي، والذي لم يعد ذلك الدور التقليدي الروتيني، وإنَّما أصبح يتضمن تحليلاً و تشخيصاً لكلِّ نشاط من نشاطات الموارد البشرية والذي قد يتضمن تحليلا لممارسات المدراء التنفيذين والعمل على تصحيح أخطائهم في التعامل مع الأفراد العاملين لديهم، فهي تقوم بصياغة استراتيجية للموارد البشرية متوافقة مع الاستراتيجية العامَّة للمؤسسة في تكـامل وترابط واضحين بين هذه الإدارة و فريق الإدارة العليا ، وبصفة ممارس الموارد البشرية عضواً ضمن هذا الفريق فقد لزم عليه القيام بالمساعدة في تحديد رسالة وأهداف المؤسسة، من خلال تحليله للفرص والتهديدات المرتبطة بالعنصر البشري.
كما أنَّ إدارة المورد البشرية الاستراتيجية تقوم بأدوار إبداعية بإسهامها في وضع وتطوير الاستراتيجيات الطارئة "Emergent strategy"، والتي لم يخطط لها مسبقا من قبل الإدارة، ويتم وضع تلك الاستراتيجيات الطارئة من قبل العاملين في المستويات الدنيا بالمؤسسة من خلال الاقتراحـات والأفكار الإبداعية التي يأتي بها العاملون، والمرتبطة بالأسواق والمنتجات الجديدة. حيث تسهِّل إدارة الموارد البشرية الاتصالات بين وحدات المؤسسة وتدعم الأفكار البنَّاءة التي ينجم عنها استراتيجيات جديدة تأخذ طريقها للمناقشة والدراسة من قبل فريق الإدارة العليا.
يقول الرئيس التنفيذي لإحدى شركات صناعة السيارات اليابانية: إن ما يتم اقتراحه سنويا من أفكار جديدة؛ لتحسين المنتج أو تطويره من خلال صندوق المقترحات الخاص بالعاملين يتعدى (250000) فكرة تدرس جميعها، وما يتم تطبيقه يكافأ عليه العامل بسخاء.
في عصر أحد الأيام الشديدة الحرارة في شهر أغسطس عام 2001 تلقيت مكالمة هاتفية دولية من أحد زملائي السابقين يخبرني فيها بأنه قد ترفع لوظيفة مدير لإدارة الموارد البشرية بأحد الفنادق العالمية...وقمت بتهنئته بهذا المنصب والذي كان يسعي إليه منذ سنوات. وبعد التحدث عن الأحوال والزملاء ألقى عليٌ سؤالاً مهماً فقد طلب منه المدير العام تحضير خطة استراتيجية للموارد البشرية، وهو مع الأسف الشديد لا يستطيع أن يفرق بين الخطة السنوية والخطة الاستراتيجية ومتطلباتها. والسؤال هنا:
لماذا لم يتم الاستثمار به وتدريبه من قبل صاحب العمل؛ لتهيئته بشكل جدي لهذا المنصب؟ وهل تكفي هنا الخبرة فقط؟
في شهر نوفمبر من عام 2008 وقبل أن أغادر منصبي كرئيس تنفيذي للموارد البشرية بإحدى شركات التصنيع؛ لأتسلم وظيفتي الجديدة، طلب مني عمل مقابلة مع المرشح الجديد. فقد كنت أسمع عنه ولكنني لم أقابله من قبل، فاسمه مشهور بين ممارسي الموارد البشرية كثيرا. وبعد التعارف والتحدث عن أحوال الموارد البشرية وتحدياتها بشكل عام فوجئت به يقول لي: "إني –حاليا-أعمل على المستوي الاستراتيجي فقط".
وفى غمضة عين سألته: "ماذا تعني؟" وانتظرت بأن احصل على إجابة لمدة نصف ساعة، فقد كنت متشوقاً بأن استمع لما يقوم به في هذا الدور أو المستوي على حد قوله. بصراحة شديدة لم أحصل على إجابة قاطعة واضحة لما يقوم به...ولكنه أضاف بأنه لا يعمل بالأدوار التقليدية للموارد البشرية. وبالطبع لم يتم ترشيحه للمنصب؛ نظرا لقله خبرته وعدم تفهمه للدور الذي ادعي يقوم به.
وفى بدايات عام 2011 أاتصل بي أحد المساعدين السابقين ليخبرني؛ أنه يلعب حاليا دورا استراتيجيا بالموارد البشرية، ولكني لم أفهم المغزى من المكالمة.
لا أدري ماذا أقول؟ فهذه بعض الأمثلة من واقع الحياة، وماذا يمكن أن نستفيد منها؟ وهل استخدام كلمة استراتيجي أثناء الحديث تعطي انطباعا وتأثيرا إيجابيا على المستمعين وتلهب حماسهم لهذا الحد؟
لذلك وجب القول: بأن استعمال كلمة استراتيجي أو استراتيجيات يجب أن توضع في مكانها الصحيح وعلى ممارسي الموارد البشرية فهم محتوياتها وإلا فسوف تؤدي إلى عواقب وخيمة مثل: فقدان الوظيفة لا قدر الله تعالى ...فاللعب بالكلمات يؤدي إلى الصعود إلى الهاوية.

استشارات موارد بشرية وتدريب
https://hrandtraining.blogspot.com.eg/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق